الرد على اتهام الشيعة بتحريف القران

(وقت القراءة: 15 - 30 دقائق)

قال عثمان الخميس في كتابه من القلب إلى القلب: (الوقفة الثانية: وقفة مع القران الكريم هل تعلمون أخواني وأخواتي أنه لا يمكن للإنسان أن يكون شيعيا إلا أن يقول بتحريف القران، وهذا أمر عجيب) (من القلب إلى القلب صفحة 11).

الجواب: أقول: لا زال عثمان الخميس يمارس الكذب مع افتضاحه بسبب كثرة كذبه مرات ومرات، فهو هنا يكذب على القارئ ويبهت الشيعة ويرميهم قاطبة بالقول بتحريف القران، فهو يزعم أنه لا يمكن أن يكون المرء شيعيا إلا إذا اعتقد بتحريف القران، ومفهوم كلامه هذا أن كل شيعي من القائلين بتحريف القران الكريم.

والحق أن الشيعة يؤمنون بأن القران الكريم مصون من التغيير والتبديل ولم تطاله يد التحريف لا بزيادة ولا نقيصة، ولا يقيمون أي وزن لقول من قال منهم أو من غيرهم بالتحريف، لأن هذا القول محض اشتباه وخطأ وقع فيه البعض نتيجة لوجود بعض الروايات عند الفريقين السنة والشيعة الموهمة بالتحريف، وجلها روايات ضعيفة من ناحية السند، وبعضها لا دلالة فيه على التحريف، فمثلا ورد في بعض الروايات أن بعض الصحابة كان يقرأ: ﴿ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ... ﴾ 1 في علي ﴿ ... وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ... ﴾ 1 بزيادة عبارة « في علي » والاية في المصحف الشريف بغير هذه الزيادة، فتحمل القراءة لهذه الاية بهذه الكيفية على أن عبارة «في علي» زيادة تفسيرية لا أنها من أبعاض الاية الكريمة، وكذلك قراءة ابن عباس وغيره من الصحابة للاية: ﴿ ... فما استمتعتم به منهن ... ﴾ 2 إلى أجل مسمى ﴿ ... فاتوهن أجورهن فريضة ... ﴾ 2 بزيادة عبارة « إلى أجل مسمى » وهي غير موجودة في المصحف الشريف، فتحمل على أن هذه العبارة زيادة تفسيرية أيضا تأكيدا على أن الاية خاصة بنكاح المتعة، إضافة إلى كل ذلك فإنها روايات احاد لا يمكن الركون إليها والاعتماد عليها لزعزعة النص القراني الثابت بالتواتر. فالشيعة يؤمنون أن القران الكريم حفظه عن رسول الله صلى الله عليه واله جماعة من المسلمين الأوائل وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والإمامين الجليلين الحسن والحسين عليهم جميعا الصلاة والسلام، وأن رسول الله صلى الله عليه واله لم يرحل إلى الرفيق الأعلى إلا وكان القران مجموعا في صحف وفي صدور من حفظه عن ظهر قلب من الصحابة، وانتقل بالتواتر من جيل إلى جيل. وقبل أن أنقل من أقوال علماء الشيعة ومحققيهم في نفي التحريف عن الكتاب المجيد، أحب أن أشير إلى مسألة أخرى وهي:

أن عثمان الخميس دندن كثيرا على مسألة أن الشيعة ليس عندهم سند للقران الكريم عن أئمتهم إلى رسول الله صلى الله عليه واله، وهذا من عجيب الإشكالات على الشيعة إن كان يريد بذلك سندا إلى رسول الله صلى الله عليه واله يثبت به صحة القران واياته، وأنها نازلة من عند الله عز وجل، فإن الإشكال يرد عليه أيضا، فنسأله أين الأسانيد المتواترة عندكم يا أهل السنة التي تثبت صحة صدور هذا القران الذي بأيدينا عن رسول الله صلى الله عليه واله؟ فيأتي الجواب من عثمان الخميس أن عندنا أسانيد لقراءة حفص عن عاصم، وقراءة ورش عن نافع، وقراءة الدوري عن أبي عمرو، وقراءة قالون عن نافع فنقول في جوابه: إن الأسانيد إلى قراءة حفص عن عاصم والمصاحف المنتشرة لهذه القراءة فهي وإن كانت متواترة إلى حفص لكنها من حفص إلى اخر سلسلة الإسناد لا يحكم عليها بالتواتر وإنما هي رواية احاد، وكذلك رواية ورش عن نافع فإنها من ورش إلى اخر الإسناد رواية احاد، وكذلك قراءة الدوري عن أبي عمرو فإنها من الدوري إلى اخر الإسناد كذلك، ومثلها رواية قالون عن نافع، فيكون وجود مثل هذه الروايات كعدمها لأنها لوحدها لا تثبت التواتر للقران الكريم، فوجود خمسة أو ستة طرق لقراءة القران لا يمكن أن يثبت بها تواتر القران خصوصا وأن القراءة لبعض الايات في بعض هذه الطرق تختلف عن قراءتها في الطرق الأخرى وعليه يكون القران عند أهل السنة غير ثابت بالتواتر. إن عثمان الخميس صرح بنفسه أن الخبر لا يكون متواترا إلا إذا كان عدد رواته في كل طبقة من الطبقات عشرة رواة أو أكثر، فهو يقول في شريط له بعنوان الشيعة والقران:

(إن التواتر هو رواية جمع عن جمع تحيل العادة تواطئهم على الكذب، وقد ذكر أهل العلم أن أقل طبقة من طبقات التواتر يكون فيها عشرة...) وهذا العدد مفقود في كل روايات القراءات المذكورة من أئمتها إلى اخر رواتها عن رسول الله صلى الله عليه واله، قال الزركشي: (والتحقيق أنها متواترة عن الأئمة السبعة أما تواترها عن النبي صلى الله عليه [واله] وسلم ففيه نظر، فإن إسناد الأئمة السبعة بهذه القراءات السبعة موجود في كتب القراءات وهي نقل الواحد عن الواحد لم تكمل شروط التواتر فى استواء الطرفين والواسطة، وهذا شيء موجود في كتبهم، وقد أشار الشيخ شهاب الدين أبو شامة فى كتابه المرشد الوجيز إلى شىء من ذلك) 3. إننا نقول: إن القران الكريم لا يحتاج إلى سند مكتوب في هذا الكتاب أو ذاك، فقد انتقل من عهد رسول الله صلى الله عليه واله عن جيل الصحابة بما فيهم أهل البيت عليهم السلام إلى جيل التابعين من خلال حفظته من الصحابة ومن خلال الصحف المدون فيها اياته، ثم كثر تدوينه في عهد التابعين كما كثر حفظته، وهكذا انتقل متواترا من جيل إلى جيل. فما قيمة الأسانيد التي تمتلكونها إذا لم يثبت بها تواتر القران في كل طبقة من طبقات رواتها؟ أما العلماء من الشيعة الإمامية الإثني عشرية الذين صرحوا بتواتر القران الكريم فهم كثيرون، وإليك أخي القارئ المحترم أسماء جملة منهم مع ذكر أقوالهم: من أقوال علماء الشيعة في نفي التحريف عن القران الكريم

قال الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق رحمه الله المتوفى سنة (381 ه): (اعتقادنا في القران الكريم الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه واله هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب) 4. وقال الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد رحمه الله المتوفى سنة (413 ه): (وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنه لم ينقص من كلمة ولا من اية ولا من سورة ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتا منزلا وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القران المعجز، وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القران على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب) 5.

وقال الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي، الملقب بعلم الهدى رحمه الله المتوفى سنة (436 ه): (إن العلم بصحة نقل القران كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة، فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم يبلغه ما ذكرناه لأن القران معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه واياته، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديدان؟ إن القران كان على عهد رسول الله مجموعا مؤلفا على هو عليه الان... حتى عين النبي صلى الله عليه واله على جماعة من الصحابة حفظهم له، وكان يعرض على النبي صلى الله عليه واله ويتلى عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القران على النبي صلى الله عليه واله عدة ختمات وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير مبتور ولا مبثوث... وأن من خالف من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته) 6. وقال الشيخ محمد بن الحسن أبو جعفر الطوسي رحمه الله الملقب بشيخ الطائفة المتوفى سنة (460ه): (وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضى وهو الظاهر من الروايات) 7. وقال الشيخ الفضل بن الحسن أبو علي الطبرسي الملقب بأمين الإسلام رحمه الله، المتوفى سنة (548 ه): (... ومن ذلك الكلام في زيادة القران ونقصانه فإنه لا يليق بالتفسير فأما الزيادة فمجمع على بطلانها وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القران تغييرا ونقصانا، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات) 8. وقال الشيخ بهاء الدين العاملي المعروف بالشيخ البهائي رحمه الله المتوفى سنة (1030ه): (الصحيح أن القران الكريم محفوظ من ذلك زيادة ونقصانا ويدل عليه قوله تعالى: ﴿ ... وإنا له لحافظون ﴾ 9.

وقال السيد محسن الأمين العاملي رحمه الله المتوفى سنة (1371 ه): (لا يقول أحد من الإمامية لا قديما ولا حديثا أن القران مزيد فيه قليل أو كثير بل كلهم متفقون على عدم الزيادة، ومن يعتد بقولهم متفقون على أنه لم ينقص منه) إلى أن يقول: (ومن نسب إليهم خلاف ذلك فهو كاذب مفتر مجترئ على الله ورسوله) 10. وقال: (... أنه اتفق المسلمون كافة على عدم الزيادة في القران، واتفق المحققون وأهل النظر ومن يعتد بقوله من الشيعيين والسنيين على عدم وقوع النقص، ووردت روايات شاذة من طريق السنيين ومن بعض طرق الشيعة تدل على وقوع النقص ردها المحققون من الفريقين واعترفوا ببطلان ما فيها، وسبقها الإجماع على عدم النقص ولحقها فلم يبق لها قيمة) 11. وقال السيد روح الله الموسوي الخميني رحمه الله المتوفى سنة (1409 ه): (إن الواقف على عناية المسلمين بجمع القران وحفظه وضبطه قراءة وكتابة يقف على بطلان تلك المزعومة يعني مزعومة تحريف القران وما ورد فيها من أخبار حسب ما تمسكوا به إما ضعيف لا يصلح الاستدلال به أو مجعول تلوح عليه أمارات الجعل أو غريب يقضي بالعجب، أما الصحيح منها فيرمي إلى مسألة التأويل والتفسير، وإن التحريف إنما حصل في ذلك لا في لفظه وعباراته) 12. وقال السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي رحمه الله المتوفى سنة (1413 ه): (إن حديث تحريف القران حديث خرافة وخيال لا يقول به إلا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل أو من ألجأه إليه حب القول به، والحب يعمي ويصم أما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته) 13. وقال الشيخ محمد حسين ال كاشف الغطاء رحمه الله المتوفى سنة (1373 ه): (وإن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله للإعجاز والتحدي وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة وعلى هذا إجماعهم) 14. وقال السيد محمد هادي الميلاني رحمه الله المتوفى سنة (1395 ه) جوابا على سؤال وجه له، هل وقع تحريف في القران؟!!: (أقول بضرس قاطع إن القران الكريم لم يقع فيه أي تحريف لا بزيادة ولا بنقصان ولا بتغيير بعض الألفاظ وإن وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعنى باراء وتوجيهات وتأويلات باطلة لا في تغيير الألفاظ والعبارات) 15.

وقال العلامة أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي رحمه الله المتوفى سنة (726 ه) في أجوبة المسائل المهناوية، فقد سئل ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز، هل يصح عند أصحابنا أنه نقص منه شيء أو زيد فيه أو غير ترتيبه أم لا يصح عندهم من ذلك؟ فأجاب: (الحق لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه وأنه لم يزد ولم ينقص ونعوذ بالله تعالى من أن يعتقد مثل ذلك وأمثال ذلك فإنه يوجب التطرق إلى معجزة الرسول صلى الله عليه واله المنقولة بالتواتر) 16. وقال السيد عبد الحسين شرف الدين رحمه الله المتوفى سنة (1377 ه) في أجوبة مسائل جار الله: (فإن القران العظيم والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع اياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته تواترا قطعيا عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام لا يرتاب في ذلك إلا معتوه، وأئمة أهل البيت عليهم السلام كلهم أجمعون رفعوه إلى جدهم رسول الله صلى الله عليه واله عن الله تعالى، وهذا أيضا مما لا ريب فيه، وظواهر القران الكريم فضلا عن نصوصه أبلغ حجج الله تعالى وأقوى أدلة أهل الحق بحكم الضرورة الأولية من مذهب الإمامية، وصحاحهم في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة، ولذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقران عرض الجدار ولا يأبهون بها عملا بأوامر أئمتهم عليهم السلام، وكان القران مجموعا أيام النبي صلى الله عليه واله على ما هو عليه الان من الترتيب والتنسيق في اياته وسوره وسائر كلماته وحروفه بلا زيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير ولا تبديل ولا تغيير) 17.

وقال أيضا في كتابه (الفصول المهمة) وهو يرد على من يحاول إلصاق تهمة القول بتحريف القران المجيد بالشيعة الإمامية الإثني عشرية: (وكل من نسب إليهم تحريف القران فإنه مفتر عليهم ظالم لهم، لأن قداسة القران الحكيم من ضروريات دينهم الإسلامي ومذهبهم الإمامي، ومن شك فيها من المسلمين فهو مرتد بإجماع الإمامية وظواهر القران فضلا عن نصوصه من أبلغ حجج الله تعالى وأقوى أدلة أهل الحق بحكم البداهة الأولية من مذهب الإمامية، ولذا تراهم يضربون بظواهر الأحاديث المخالفة للقران عرض الجدار ولا يأبهون بها وإن كانت صحيحة وتلك كتبهم في الحديث والفقه والأصول صريحة بما نقول. والقران الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا لحرف بحرف، وكل حرف من حروفه متواترة في كل جيل تواترا قطعيا إلى عهد الوحي والنبوة...) 18.

وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه الله: (لا ريب في أنه القران محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القران وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر، وما ورد في أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها ولا سيما ما فيه نقص ثلث القران أو كثير منه، فإنه لو كان كذلك لتواتر نقله لتوفر الدواعي عليه، ولاتخذه غير أهل الإسلام من أعظم المطاعن على الإسلام وأهله، ثم كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط اياته وحروفه) 19. وقال العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي رحمه الله المتوفى سنة (1402ه) عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9: (... فهو ذكر حي خالد مصون من أن يموت وينسى من أصله، مصون من الزيادة عليه بما يبطل كونه ذكرا، مصون من النقص كذلك، مصون من التغيير في صورته وسياقه، بحيث يتغير به صفة كونه ذكرا لله مبينا لحقائق معارفه، فالاية تدل على كونه كتاب الله محفوظا من التحريف بجميع أقسامه بجهة كونه ذكرا لله سبحانه، فهو ذكر حي خالد...) 20. وقال العلامة محمد رضا المظفر رحمه الله المتوفى سنة (1383 ه): (نعتقد أن القران هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالى على لسان نبيه الأكرم، فيه تبيان كل شيء، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة، وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية، لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بأيدينا نتلوه هو نفس القران المنزل على النبي، ومن ادعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، وكلهم على غير هدى، فإنه كلام الله الذي ﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ... ﴾ 21.

وقال محمد بن محسن الشهير بالفيض الكاشاني رحمه الله المتوفى سنة (1096 ه) في كتابه (علم اليقين) عند كلامه عن إعجاز القران المجيد وبعد أن نقل جملة من الروايات الموهمة بوقوع التحريف: (ويرد على هذا كله إشكال وهو أنه على ذلك التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القران، إذ على هذا يحتمل كل اية منه تكون محرفة ومغيرة وتكون على خلاف ما أنزله الله، فلم يبق له حجة أصلا فتنقضي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية به. وأيضا قال عز وجل: ﴿ ... وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ﴾ 22 فكيف تطرق إليه التحريف والنقصان والتغيير؟! وأيضا قال الله عز وجل: ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9 وأيضا قد استفاض عن النبي صلى الله عليه واله وعن الأئمة عليهم السلام عرض الخبر المروي عنهم على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له وفساده بمخالفته، فإذا كان القران الذي بين أيدينا محرفا مغيرا فما فائدة العرض مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له، فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله، ويخطر بالبال في دفع الإشكال والعلم عند الله أن مرادهم عليهم السلام بالتحريف والتغيير والحذف إنما هو من حيث المعنى دون اللفظ، أي حرفوه وغيروه في تفسيره وتأويله، أي حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر، فمعنى قولهم: كذا أنزلت، أن المراد به ذلك لا ما يفهمه الناس من ظاهره، وليس المراد أنها نزلت كذلك في اللفظ فحذف ذلك إخفاء للحق وإطفاء لنور الله. ومما يدل على ذلك ما رواه في الكافي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية...) 23.

وقال المرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي دام ظله: (القران معجزة نبينا محمد صلى الله عليه واله الخالدة، وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قد عجز الفصحاء عن الإتيان بمثله وبمثل سوره واية منه، وحير عقول البلغاء وفطاحل الأدباء، بين الله تعالى فيه أرقى المباني وأسمى المبادىء، وأنزله على نبيه دليلا على رسالته ونورا للناس وشفاء لما في الصدور ورحمة للمؤمنين). وقال أيضا: (هذا القران هو كل ما بين الدفتين وليس فيه شيء من كلام البشر، وكل سورة من سوره وكل اية من اياته متواتر مقطوع به لا ريب فيه دل عليه الضرورة والعقل والنقل القطعي المتواتر. هذا القران عند الشيعة ليس إلى القول فيه بالنقيصة فضلا عن الزيادة سبيل، ولا يرتاب في ذلك إلا الجاهل أو المبتلي بالشذوذ) 24. وقال العلامة الشيخ البلاغي رحمه الله المتوفى سنة (1352ه): (ولئن سمعت من الروايات الشاذة شيئا في تحريف القران وضياع بعضه فلا تقم لتلك الروايات وزنا، وقل ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين وفيما جاءت به في رواياتها الواهية من الوهن وما ألصقته بكرامة القران مما ليس له شبه به...) 25. وقال العلامة الشيخ المجلسي رحمه الله المتوفى سنة (1111ه) بعد أن ذكر بعض الأحاديث الموهمة بنقصان القران ما نصه: (فإن قال قائل كيف يصح القول بأن الذي بين الدفتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان وأنتم تروون عن الأئمة عليهم السلام أنهم قرأوا « كنتم خير أئمة أخرجت للناس » وكذلك « جعلناكم أئمة وسطا » وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس؟ قيل له: قد مضى الجواب على هذا وهو أن الأخبار التي جاءت بتلك أخبار احاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها فلذلك وقفنا فيها ولم نعدل عما في المصحف الظاهر على ما أمرنا به حسب ما بيناه مع أنه لا ينكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين أحدهما ما تضمنه المصحف والثاني ما جاء به الخبر كما يعترف مخالفونا به من نزول القران على وجوه شتى...) 26.

وقال الشيخ جعفر السبحاني في كتابه (رسائل ومقالات): (القران الكريم هو المصدر الأول لدى المسلمين من غير فرق بين الشيعة وأهل السنة وهو كلام الله ووحيه وقوله وكتابه، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم، وأنه الحق الفصل ما هو بالهزل، وأن الله تبارك وتعالى منزله وحافظه، صانه من الزيادة والنقيصة، وهذه عقيدة كبار المحققين من الشيعة) 27. وقال في كتابه (العقيدة الإسلامية): (... ولكن رغم وقوع التحريفات الواضحة في الكتب السماوية السابقة فإن القران الكريم بقي مصونا من أي نوع من أنواع التحريف والتغيير) 28. ووجه إلى لمرجع الديني اية الله العظمى السيد كاظم الحائري دام ظله سؤال نصه: (ما هو ردكم على من يقول بأن الشيعة الإمامية الإثني عشرية يقولون بتحريف القران وأنه قد زيد فيه ونقص منه؟ وما هو رأيكم في الروايات الواردة في بعض المصادر والتي توهم بوجود التحريف في القران الكريم؟). فأجاب: (القول بتحريف القران لدى نادر من الشيعة موجود وكذلك موجود لدى بعض السنة، أما الرأي الصحيح الذي عليه مشهور الشيعة والمحققون فهو نفي التحريف ومن جملة الأدلة على نفي التحريف قوله عز وجل: ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9 وكل ما وردت من روايات التحريف سواء لدى الشيعة أو لدى السنة فهي روايات مزورة ومحرفة) 29.

ووجه نفس السؤال إلى المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله فكان جوابه: (الصحيح أن القران الموجود بين الدفتين هو القران النازل على النبي صلى الله عليه واله من قبل الله تعالى دون زيادة ونقيصة، وهذا هو المعروف بين علمائنا قديما وحديثا وابتنى عليه إجماعهم العلمي وإن رويت أخبار على خلاف ذلك في بعض مصادر الفريقين خاصة من الطرق المعتمدة لدى الجمهور إلا أنها لا يعتمد عليها، وهي لا تقوى على زعزعة واقع القران الشريف والتشكيك به، فإن القران يثبت نفسه بنفسه، وأنه ليس من إنشاء البشر كما قال تعالى: ﴿ وما كان هٰذا القران أن يفترىٰ من دون الله ... ﴾ 30 وهو من أجل ذلك في غنى عن التواتر، ولذا صار معجزة للنبي صلى الله عليه واله وشاهدا لصدقه وأما ما تضمنته بعض الروايات من بعض الزيادات فهو مما يقطع بعدم كونه قرانا، لهبوط مستواه وضعف بيانه، وركة أسلوبه وكفى بذلك حجة على عدم التحريف، وأما فرضية النقيصة فهي مرفوضة لما أشار إليه المرتضى قدس سره من اهتمام المسلمين بالقران المانع من ضياعه، كما أن استشهادات المسلمين من الصدر الأول بالقران الشريف في مقام الاحتجاج وغيره رغم كثرتها تشهد بعدم التحريف، إذ لم يرد في كلامهم ولو صدفة الاستدلال أو الاستشهاد بشيء يصلح أن يكون قرانا في أسلوبه وبيانه غير ما هو موجود في المصحف الشريف. ومن خلال ما تقدم يظهر بطلان ما نسب لبعض الأحناف من أن النازل على الرسول صلى الله عليه واله هو المعاني، وأن الرسول صلى الله عليه واله صاغها بالألفاظ الموجودة. وجدير بالمسلمين الإهتمام بكتابهم المجيد والالتزام بتعاليمه القيمة، كما قال تعالى: ﴿ إن هٰذا القران يهدي للتي هي أقوم ... ﴾ 31 بدلا من الإستماع إلى نداء الشيطان بالمهاترات الباطلة وتمزيق شمل الأمة، والله سبحانه هو المسدد والعاصم) 32. وقال الشيخ عبد الله نعمة: (مذهب الشيعة في القران الكريم هو أنه لا تحريف فيه وأن القران الكريم هو ما بين دفتيه دون زيادة أو نقيصة، وعلى هذا استقر مذهبهم أو إجماعهم وروايات الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، ونجد هذا صريحا في أقوال علمائهم من متقدمين ومتأخرين) 33.

وقال أيضا: (وكل من ينسب إلى الشيعة الإمامية القول بالتحريف أو الزيادة فيه أو النقصان فهو جاهل غبي أو مفتر كذاب غوي ينسب إليهم ما لم يقولوه ويعزوا إليهم ما لم يدعوه إمعانا في الافتراء والكيد والتضليل. والقران بحدوده الحالية متواتر قطعا، لا زيادة فيه ولا نقيصة وقد كان الأمين جبرائيل عليه السلام يعارض النبي صلى الله عليه واله بالقران مرارا، وكان حفظة القران من الصحابة يعرضونه على رسول الله صلى الله عليه واله. وبعد هذا فالروايات الواردة في بعض الكتب المتضمنة للزيادة أو النقيصة هي روايات شاذة مطروحة لا يعبأ بها لأنها مخالفة للصريح من القران في قوله تعالى: ﴿ ... وإنا له لحافظون ﴾ 9 ولأن المقياس لقبول الرواية وعدم قبولها هو موافقتها لكتاب الله تعالى أو مخالفتها له، فكل ما خالف كتاب الله لا بد من تأويله إن أمكن وإلا فيطرح ولا يعتد به كما ورد الأمر بذلك عن الأئمة الأطهار عليهم السلام) 34. وقال المرجع الديني السيد علي الخامنئي دام ظله: (الأدلة القطعية تحكم بأن القران الموجود بين أيدينا محرف) 35. وقال المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشاهرودي دام ظله: (القول بتحريف القران الكريم كما يدعون باطل، والقران الذي بأيدي المسلمين لم يتعرض للتحريف كما يدعون، وهو النازل على الرسول صلى الله عليه واله وأرجع إليه الأئمة عليهم السلام، وأمروا بأخذ الأحكام والتعاليم الإسلامية منه، كما أجمع على عدم تحريفه علماؤنا المحققون قديما وحديثا إتباعا للأئمة المعصومين عليهم السلام ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9) 36.

وقال الشيخ محمد السبزواري عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9: (أي أنه سبحانه هو منزل القران على نبينا صلى الله عليه واله، وهو حافظه على مدى الأزمان من الهجر والمحاربة والتحريف والتغيير والزيادة والنقصان، فليفعلوا ما شاؤوا فإننا نتولى حفظه ورعايته ولا يضره إنكارهم) 37. وقال الشيخ غلام رضا كاردان: (تعتقد الشيعة الإمامية بأن القران الكريم هو الكتاب السماوي لعامة المسلمين في العالم، أنزله الله عز وجل بواسطة جبرئيل على نبيه الأكرم صلى الله عليه واله، وأن هذا الكتاب المقدس مصون ومحفوظ عن التحريف وقد تعهد عز وجل بهذا الحفظ بقوله تعالى: ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9 وعلى أساس هذا الضمان الإلهي، فالقران الكريم مصون من التحريف، ولهذا فإن المسلمين مخالفون لفكرة التحريف وقد وقفوا ضدها) 38. وقال الشيخ محمد علي المعلم: (على أن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف، واستدلوا بعدة أدلة من القران ومن أحاديث النبي على أن القران لا تحريف فيه ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9 وقوله: ﴿ ... وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ﴾ 22، ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه واله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وغيرها من الأدلة، بل إن القول بعدم التحريف من معتقدات الإمامية التي صرح بها علماؤهم كالشيخ الصدوق محمد بن بابويه القمي، والشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، والطبرسي، والسيد المرتضى، والشيخ جعفر ال كاشف الغطاء، والشيخ محمد جواد البلاغي وغيرهم من أقطاب العلماء والفقهاء الشيعة بل إجماعهم على ذلك) وقال أيضا: (وأما الروايات التي وردت في كتب الشيعة وظاهرها التحريف فهي: إما مردودة لا يعتمد عليها، وإما مؤولة على وجوه أخرى لا تتنافى مع القول بسلامة القران عن التحريف. والنتيجة: أن الشيعة الإمامية لا تقول بتحريف القران، ومجرد وجود رواية في كتبهم لا يعني الأخذ بها، فما عند السنة من ذلك الشيء الكثير...) 39.

وقال السيد عباس علي الموسوي: (القران الكريم هو كلام الله المنزل على رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وقد نزل عليه بألفاظه وحروفه، فبلغه النبي إلى أمته كما نزل دون زيادة أو نقيصة، فأدى الأمانة واجتنب الخيانة، وأطاع الله فكان نبيا رسولا. وإن القران الكريم قد تكفل الله بحفظه وصانه من التحريف والتبديل ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9، إنه تعهد من الله بحفظ كتابه، حفظه من الزيادة والنقصان، وقد تناقله المسلمون من الجيل الأول حتى وصل إلينا بالتواتر جيلا بعد جيل ولم يهتم بشيء كما اهتم به ولم يعتنى بأمر كما اعتني به، فقد أولاه المسلمون من الإهتمام ما جعلهم يعرفون كل اية في موضعها، بل كل كلمة أين محلها، إنه نقل إلينا بالتواتر المفيد للعلم الذي حصل من خلاله أن لا زيادة فيه ولا نقصان منه ولو حرفا واحدا وهذا هو رأي الشيعة والذي عليه المعتمد عندهم، ومعه لا يلتفت إلى قول الشاذ منهم فإن الشاذ ليس حجة، ولا يكشف عن رأي المجموع خصوصا بعد أن سبقه الإجماع ولحقه، كما لا يلتفت إلى بعض الأخبار الغريبة القائلة بنقصانه فإنه لا يجوز التعويل عليها ولا الاستشهاد بها...) 40.

وقال الميرزا الشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي: (﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9 أي من التحريف والزيادة والنقص بأن جعلناه معجزا مباينا لكلام البشر بحيث لا يخفى تغيير نظمه على أهل اللسان، أو نفى تطرق الخلل إليه في الدوام بضمان الحفظ له كما نفى أن يطعن فيه بأنه المنزل له) 41. ووجه سؤال لسماحة المرجع الديني السيد محمد صادق الروحاني دام ظله يقول: (نود أن نسأل سماحتكم عن مسألة هي مورد كلام عند بعض المسلمين وهي مسألة تحريف القران الكريم.فهل هناك تحريف بالقران الكريم؟وما هو الرد على من يقول بالتحريف؟) فأجاب: (للتحريف معان: المعنى الاول: هو نقل الشيء عن موضعه وتحويله الى غيره، ولا خلاف بين المسلمين في وقوع هذا التحريف في القران، فإن كل من فسر القران بغير حقيقته وبرأيه فقد حرفه. وما يفعله كثير من أهل البدع والمذاهب الفاسدة من تأويل ايات القران بارائهم وأهوائهم من هذا القبيل. المعنى الثاني: النقص أو الزيادة بكلمة مع التحفظ على نفس القران المنزل، والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الاسلام، ولكن انقطع في زمان عثمان، وانحصر القران بما يثبت تواتره عن النبي صلى الله عليه واله. المعنى الثالث: التحريف بالزيادة أو النقيصة في الاية والسورة مع التحفظ على القران المنزل، والتسالم على قراءة النبي صلى الله عليه واله إياها، والتحريف بهذا المعنى نفاه الشيعة واختار جماعة من علماء السنة وقوعه وقالوا أن البسملة ليست من القران. المعنى الرابع: التحريف بالزيادة و أن بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل، والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين. المعنى الخامس: التحريف بالنقيصة، بمعنى أن ما بأيدينا من القران لا يشتمل على جميع القران المنزل، وأنه قد ضاع بعضه، والتحرف بهذا المعنى وقع الخلاف فيه فقد أثبته جمع ونفاه اخرون. أما علماء الشيعة فقد ادعى أكثرهم اتفاق العلماء على أن التحريف بهذا المعنى غير واقع في القران. لاحظ كلمات رئيس المحدثين الصدوق، فإنه عد القول بعدم التحريف من معتقدات الإمامية، وشيخ الطائفة الطوسي ونقله عن علم الهدى والمفسر الشهير الطبرسي والفيض الكاشاني والأستاذ الأعظم السيد الخوئي وغيرهم من الأكابر، وأدلتهم كثيرة نشير إلى بعضها: 1 الاية الكريمة ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9.

2 ﴿ ... وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ﴾ 22. 3 أخبار الثقلين الذين خلفهما النبي صلى الله عليه واله في أمته وأخبرأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، وأمر الأمة بالتمسك بهما وهما الكتاب والعترة. وهذه الأخبار متواترة من طرق الفريقين، ومن الواضح أن القول بالتحريف يستلزم عدم حجية ظواهر الكتاب، أضف إليه ارشاد العترة الى التمسك بظواهر القران، ومن هاتين الناحيتين لا بد من الالتزام بعدم التحريف. 4 ملاحظة كيفية جمع القران وحفظه، سيما وفي الحافظين والجامعين أمير المؤمنين عليه السلام، والكاتبين لكل اية تنزل حيث أن النبي صلى الله عليه واله كان يأمر الكتاب بإدراجها في موردها، وهذا يوجب القطع بعدم التحريف. وأما الروايات الضعيفة المتضمنة للتحريف فالراوي لأكثرها أحمد بن محمد السياري الذي اتفق علماء الرجال على فساد مذهبه، وعلي بن أحمد الكوفي الذي ذكر علماء الرجال أنه كذاب وأنه فاسد المذهب، وأما بقية أدلة القائلين بالتحريف فيحتاج البحث فيها إلى وقت أوسع، ولنعم ما أفاده الأستاذ الأعظم (السيد الخوئي): (إن حديث تحريف القران حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من ألجأه إليه حب القول به، والحب يعمي ويصم، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته. فهل بعد هذا يصح لعاقل أن يدعي على الشيعة أنهم يؤمنون بتحريف القران؟!) 42.

ووجه إلى سماحة المرجع الديني اية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي رحمه الله سؤال يقول: (لقد سمعنا ومن ثم اطلعنا على ارائكم (الشيعية) ورواياتكم المزعومة في أمهات كتبكم عن تحريف القران، علما بأن هذا يخالف ما نص عليه الكتاب والسنة النبوية الشريفة، فما رأيكم في هذه الروايات الموجودة في كتابكم الكافي وغيره...؟) فأجاب: (المشهور عند الشيعة، بل كاد يكون متفقا عليه عدم وقوع التحريف في القران المجيد، بمعنى الزيادة والنقصان; فقد ذكر الشيخ الصدوق وهو شيخ المحدثين في كتابه الاعتقادات ما هذا نصه: اعتقادنا في القران الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك إلى أن قال : ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب. نعم ورد في بعض الروايات الضعيفة سندا ما يظهر منها وقوع التحريف بمعنى النقص في القران الكريم، ولا يمكن الاعتماد عليها لضعفها وشذوذها، وهي لا تعبر عن معتقد الشيعة الإمامية. أما التحريف بمعنى عدم العمل بالكتاب المجيد وهجره، فنحن نقول به، وهو واقع حتى في زماننا هذا، ولكن هذا أمر لا ربط له بمورد السؤال. ثم نحن نقول: إن روايات التحريف لم تنفرد بها طائفة الشيعة الإمامية على ندرتها وشذوذها، فقد ورد في كتب الحديث لأهل السنة روايات كثيرة مصرحة بوقوع التحريف في القران المجيد، نذكر لك بعضها:

قال السيوطي في كتابه الدر المنثور ما هذا نصه: وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديا فنادى إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس، لا تجزعن من اية الرجم فإنها أنزلت في كتاب الله وقرأناها ولكنها ذهبت في قران كثير ذهب مع محمد صلى الله عليه [واله] وسلم. وأخرج البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال: إن الله بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزله الله اية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله ورجمنا بعده، فأخشى أن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد اية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. وأضاف: ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله... وان لا ترغبوا عن ابائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن ابائكم أو ان كفرا بكم أن ترغبوا عن ابائكم.... وأخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه، وأحمد بن حنبل إمام الحنابلة في مسنده. وأخيرا نذكر لكم أنه قد ألفت كتب كثيرة للشيعة الإمامية المتعرضة لنفي التحريف والموجهة للروايات الواردة من طريقنا التي ظاهرها التحريف، إما بعدم العمل بها، وإما باختلاف القراءة أو بنحو التقديم والتأخير، مع تصريحهم بضعف هذه الروايات سندا وندرتها وشذوذها ومن هؤلاء المؤلفين في عصرنا هذا السيد الخوئي قدس سره وهو أحد كبار مراجع الشيعة في كتابه»البيان»، ومن هذه الكتب الكتاب المسمى «التحقيق في نفي التحريف عن القران الشريف« وغيرها كثير لمن طلب التتبع والبحث. هدانا الله وإياكم لما فيه الصواب والحق وهو ولي الهداية والتوفيق) 43.

فهل بعد هذا يجوز لأحد أن يدعي على الشيعة أنهم يؤمنون بتحريف القران؟! وإنما أوردنا هذه النماذج من أقوال هؤلاء العلماء والمحققين من أتباع الطائفة الشيعية الإمامية الإثني عشرية لنثبت براءتهم من هذه الفرية ولنثبت أيضا أن الشيخ عثمان الخميس ما هو إلا أفاك كذاب رمى الشيعة قاطبة بهذه الفرية وهم منها براء. ثم إن عثمان الخميس ركز على مسألة تكفير القائل بوجود التحريف في القران الكريم فكان مما قاله موجها خطابه إلى الشيعة فكان مما قاله: (ولأجل هذا نرى أن علماء السنة يتشددون في هذه المسألة، فيقولون بكفر من يقول بتحريف القران، ويعلنون هذا صراحة استدلالا بقوله تعالى: ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ 9. بينما علماء الشيعة لا يقولون بهذا، بل يقولون مخطئ إن قالوها !! ولي سؤال هنا لا أجد له جوابا، وهو في الحقيقة إلزام أكثر من كونه سؤالا. نسمع كثيرا حديث الثقلين، والثقلان هما الكتاب وال البيت. وقد جاء الحديث في كتب الشيعة أن القران هو الثقل الأكبر، وأن ال البيت هم الثقل الأصغر. وبعد هذا نقول أليس يقول جميع الشيعة بلا استثناء بكفر قتلة الحسين رضي الله عنه مع أن الحسين فرد من الثقل الأصغر، بينما لا يقولون بكفر من يطعن بالثقل الأكبر كله، وهم عامة علماء الشيعة. ولهذا قال جمع غفير، نعم غفير من علماء الشيعة الكبار: ” إن القران محرف ” 46. فهل تقبلون أن يكون هؤلاء هم علماء المذهب الذي ينتمون إليه ممن تترحمون عليهم، وتثنون على ما تركوه من علم ومؤلفات؟!!) 47 48.

  1. a. b. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الاية: 67، الصفحة: 119.
  2. a. b. القران الكريم: سورة النساء (4)، الاية: 24، الصفحة: 82.
  3. البرهان في علوم القران 1 / 319، ومن أراد الإطلاع على المزيد من التحقيق حول هذه القراءات وطرقها فعليه بمراجعة كتاب (إعلام الخلف بمن قال بتحريف القران من أعلام السلف) تأليف صادق العلائي، المجلد الثاني.
  4. رسالة الاعتقادات للشيخ الصدوق صفحة 59.
  5. أوائل المقالات صفحة 55.
  6. تفسير مجمع البيان 1 / 43.
  7. تفسير التبيان صفحة 3.
  8. تفسير مجمع البيان 1 / 15.
  9. a. b. c. d. e. f. g. h. i. j. k. l. m. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الاية: 9، الصفحة: 262.
  10. أعيان الشيعة 1 / 46.
  11. نقض الوشيعة صفحة 198.
  12. تهذيب الأصول 2 / 165 تقريرات درس الإمام الخميني.
  13. البيان في تفسير القران صفحة 259.
  14. أصل الشيعة وأصولها صفحة 133 تحت عنوان النبوة.
  15. مئة وعشرة أسئلة صفحة 5.
  16. أجوبة المسائل المهناوية صفحة 121.
  17. أجوبة مسائل جار الله صفحة 34.
  18. الفصول المهمة صفحة 163.
  19. كشف الغطاء 2 / 299.
  20. الميزان في تفسير القران 12 / 101.
  21. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الاية: 42، الصفحة: 481.
  22. a. b. c. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الاية: 41 و 42، الصفحة: 481.
  23. علم اليقين في أصول الدين 1 / 565.
  24. مع الخطيب في خطوطه العريضة صفحة 44 46.
  25. الاء الرحمن في تفسير القران صفحة 18.
  26. بحار الأنوار 92 / 75.
  27. رسائل ومقالات صفحة 43.
  28. العقيدة الإسلامية صفحة 169.
  29. الحصون المنيعة « رد على كتاب حوار هادىء بين السنة والشيعة» صفحة 19.
  30. القران الكريم: سورة يونس (10)، الاية: 37، الصفحة: 213.
  31. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الاية: 9، الصفحة: 283.
  32. الحصون المنيعة «رد على كتاب حوار هادىء بين السنة والشيعة» صفحة 19 20.
  33. روح التشيع صفحة 433.
  34. روح التشيع صفحة 435 436.
  35. انظر كتابنا الرد على الشبكة السلفية في افترائها على الشيعة الإمامية صفحة ففيه وثقة مصورة بكلام السيد هذا ومختومة بختمه.
  36. انظر كتابنا الرد على الشبكة السلفية في افترائها على الشيعة الإمامية ففيه وثقة مصورة بكلام السيد هذا ومختومة بختمه.
  37. الجديد في تفسير القران المجيد 4 / 172.
  38. الرد على شبهات الوهابية صفحة 5 6.
  39. الحقيقة المظلومة صفحة 103 105.
  40. شبهات حول الشيعة صفحة 36.
  41. تفسير كنز الدقائق 7 / 9293.
  42. المصدر موقع السيد على شبكة الإنترنت http: / / www.imamrohani.com.
  43. الأنوار الإلهية صفحة 224 226.
  44. من هم هؤلاء الجمع الغفير من علماء الشيعة الكبار الذين قالوا بأن القران الكريم محرف ايها المفتري الكذاب؟
  45. من القلب إلى القلب صفحة 13 14.
  46. هذا الموضوع رد على شبهة طرحها عثمان الخميس ضمن مجموعة من الشبهات الأخرى التي أثارها ضد مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، و قد قام سماحة الشيخ حسن عبد الله العجمي بالرد عليه

طباعة   البريد الإلكتروني