اَلْإسْبِتاريّة

(وقت القراءة: 10 - 19 دقائق)

قوانين جماعة فرسان القدس الإسبتارية المالطية - المكتبة الرقمية العالمية

اَلْإسْبِتاريّة، عنوان كان يطلق في المصادر الإسلامية علی فرقة دينية ـ عسكرية من الصليبيين عرفوا بالمضيافين [۱]في عهد الحروب الصليبية. هذه الكلمة معربة و مأخوذة من كلمة «هوسبيتاليس[۲]» اللاتينية، كما جاءت في هذه المصادر أيضاً في صور محرفة و مصحفة أخری مثل الإستبارية و الإستبالية وكذلك تركيب بيت الإسبتار، و إخوة الإسبتارية.

أسست هذه الفرقة في أواسط القرن ۵ه‍/۱۱م قبل بضع سنوات من بداية الحروب الصليبية. و قيل إن مجموعة من تجار أمالفي ــ ميناء في خليج سالرنو [۳]تابع لناپولي ــ بنوا ديراً و دار ضيافة فيها في ۴۴۰ه‍/۱۰۴۸م، أو ۴۶۳ه‍/۱۰۷۰م بإذن حاكم تلك المنطقة، أو الخليفة الفاطمي لمساعدة الزائرين المسيحيين لبيت المقدس، ومعالجة مرضاهم، حيث كان العاملون فيهما رهبان الطائفة البندكتية في فلسطين، و أطلقوا علی فرقتهم اسم يحيى المعمدان، أو علی رواية، قديس الإسكندرية المعروف يوحنا في القرن ۷م («موسوعة[۴]...»، VIII/217؛ رانسيمان، ۲/۱۸۰؛ مصطفی، ۳۷۳؛ العروسي، ۷۰). و عندما هجم الصليبيون علی فلسطين كان زعيم هذه الطائفة راهباً يدعی جيرارد وكان الحاكم المسلم لبيت‌المقدس قد أخرجه، و استطاع الصليبيون بمساعدته أن يسيطروا علی المدينة. و لذلك فقد أخذ جيرارد من قادة الصليبيين أوقافاً لهذا التنظيم، و خرج من طاعة الفرقة البندكتية، و تحولت إلی فرقة مستقلة من خلال تجديد التنظيمات (رانسيمان، ن.ص؛ البستاني، ۱۱/۱۴۰-۱۴۱). و لعل هذا هو السبب الذي جعل بعض الكتّاب يعتبرون التأسيس الحقيقي لهذه الفرقة متزامناً مع سيطرة الصليبيين على بيت‌المقدس (ظ: زيادة، ۱(۱)/ ۶۸).

و قد دخلت هذه الفرقة التي كانت منشغلة في أوائل الحروب الصليبية بمعالجة الجرحی المسيحيين، الشؤون العسكرية بسرعة. و أضاف ريمون دوپوي [۵]خليفة جيرارد إلی أهدافها، المحافظة علی أمن طرق رقعة حكم الصليبيين، و الاستعداد للإبقاء علی قوة دائمة من الفرسان المنتخبين و المتطرفين ذوي النزعة الزهدية المسيحيين لمحاربة المسلمين. و منذ ذلك الحين أخذوا يلعبون دوراً هاماً في عصر الحروب الصليبية الطويل في السياسة الداخلية و الخارجية للإمارات الأوروبية و دولة فلسطين اللاتينية باعتبارهم إحدی أكبر المؤسسات الدينية ـ العسكرية المسيحية، أو الرهبانية العسكرية بوصفهم الفرسان المضيّفين و أكثرها نفوذاً. وقد كان البابا و رجال الدين و القادة الصليبيون البارزون يعيرون لهم أهمية خاصة أيضاً لأنهم كانوا يضعون تحت تصرفهم المحاربين و المقاتلين، و كانوا يمنحونهم امتيازات خاصة؛ بحيث إن غالبية رجال الدين المسيحيين في المملكة اللاتينية كانوا قد وقفوا عُشر دخلهم لهذا التنظيم، كما كان الأمراء و القادة الصليبيون يمنحونهم أموالاً و أملاكاً و إقطاعات كثيرة (مصطفی، ۳۷۳-۳۷۴؛ يوسف، العرب...، ۶۹؛ العروسي، ۷۰-۷۱؛ رانسيمان، ۲/۱۸۰-۱۸۱؛ بينتر، «الحرب الثالثة[۶]...»، 55). و في هذا العصر، وخاصة في الفترات التي كانت تفصل بين الحروب و التي كان الزوار المحاربون، و المقاتلون الاحتياط يعودون إلی بلدانهم، كان الحكام الصليبيون يعتمدون بشكل رئيس علی الإسبتارية من أجل المحافظة علی مدنهم و قلاعهم في الشام، فقد كانوا ينشطون كقوة عسكرية ضارية بسبب تمتعهم بتنظيمات عسكرية منسقة، وعدائهم الشديد للمسلمين (سميل، ۵۴؛ العروسي، ۶۹). و مع كل ذلك فقد واصل فرسان الإسبتارية حياتهم في داخل رقعة حكم الصليبيين كدولة مستقلة في عصر ذروة قوتهم و نفوذهم و الذي تزامن مع ضعف مملكة القدس اللاتينية. و قد أدت قوتهم العسكرية الثابتة و ثرواتهم و سعة إقطاعاتهم و أملاك زعمائهم (يوسف، ن.م، ۹۰-۹۱)، إلی أن تتعارض مصالح هذه الفرقة في كثير من الأحيان مع الأهداف و المصالح السياسية للدولة اللاتينية، وأن ينتهجوا رغماً عنهم سياسة معارضة مع الأمراء و الدول المسلمة، و يعقدوا معاهدات مستقلة (ظ: تتمة المقالة). و قد بلغ نفوذهم في هذا العصر حداً بحيث إنهم كانوا يتدخلون أحياناً في عزل، أو نصب ملك القدس بشكل مباشر، و لم‌يكونوا يركعون لسلطة الكنيسة العليا، و شخصية البابا أحياناً أخرى.

و في هذا العصر كانت هناك فرق دينيـة ـ عسكـرية تتنامی قوتها بسرعة، و كان العداء و التنافس اللذان كانا يحدثان نتيجة لذلك بين الإسبتارية و الفرق الأخری و الخلايا الأصلية للمحاربين الصليبيين، يتمخضان أحياناً عن مصالح كثيرة للمسلمين في الهجوم علی الإفرنجة و إجبارهم علی التراجع (ظ: مصطفی، ۳۷۴).

و فيما يتعلق بنشاط هذه الفرقة، يمكن الحصول علی معلومات كثيرة من المصادر الإسلامية و المسيحية المعاصرة للحروب الصليبية و مابعدها. و بالإضافة إلی ذلك، فقد نشرت كتب ومقالات خاصة للكتّاب المعاصرين حول الحروب الصليبية والإسبتارية تتضمن أحياناً إشارات إلی نشاطهم بعد الحروب الصليبية، و لكن بعض هذه الآثار تخلو من نظرة و تحليل محايدين إلی هذا الموضوع، رغم أننا لانستطيع أن ننكر أن بعض الكتّاب و الباحثين المعاصرين أعدوا آثاراً جامعة و معتبرة في هذا الباب.

و يبدو أن ابن القلانسي يعتبر بين المؤرخين المسلمين أول من ذكر الإسبتارية كمجموعة من المحاربين الصليبيين في معركة سنة ۵۵۲ه‍/۱۱۵۷م بالقرب من بانياس (ص ۳۳۸-۳۳۹). ففي هذه السنة هزم المسلمون ــ بعد أن أكثر الإفرنجة الدمار و القتل في حمص وحماة ــ فريقاً من الإسبتارية و فرسان الهيكل [۷](الداويّة) الذين كانوا متوجهين لدعم المعسكر الصليبي في بانياس حوالي تلك الديار (ن.ص). و من الجانب الآخر وضع القادة الصليبيون تحت تصرف الإسبتارية قلاعاً مهمة للمحافظة علی الطرق المهمة في رقعة حكمهم، بحيث إن فولك [۸]قائد القدس الصليبي وضع في ۵۳۱ه‍/۱۱۳۷م تحت تصرفهم قلعة بيت جبرين التي كانت تقع علی طريق الخليل و عسقلان بهدف حراسة طريق يافاـ القدس، و جعل الإسبتارية الطريق الأصلي من ساحل الأبيض المتوسط حتی عاصمة المملكة اللاتينية آمناً للصليبيين من خلال تعزيز هذه القلعة (سميل، ۱۵۹؛ مولر فينر، ۱۸؛ البستاني، ۱۱/۱۴۲). و في ۵۳۶ه‍/۱۱۴۲م منح ريمون حاكم طرابلس الإسبتارية قلعة حصن الأكراد، أو قلعة الحصن الإستراتيجية و الحصينة التي كانت أكبر مراكز الصليبيين في السواحل الشمالية للمملكة اللاتينية (ظ: مولر‌فينر، ۷۶- ۷۸؛ البستاني، ۱۱/۱۴۲-۱۴۳). و هكذا قوي أمر الإسبتارية، و شاركوا بشكل مباشر في حملات الصليبيين علی مناطق المسلمين؛ بحيث هجموا في ۵۴۸ه‍/۱۱۵۳م مع بغدوين الثالث حاكم القدس علی عسقلان (مصطفی، ۳۷۷؛ أيضاً ظ: ابن‌كثير، ۱۲/ ۲۴۸) و في ۵۵۲ه‍ و بعد أن منح همفري صاحب تبنين نصف هذه المدينة للإسبتارية، فإنهم شاركوا في محاولات أموري للسيطرة علی مصر، و تعهدوا بأنهم سوف يقدمون له دعماً عسكرياً كبيراً إن هو منحهم بعد احتلال مصر امتيازات خاصة (سميل، ۱۶۰). و لعل انتصار جيش مصر في ۵۵۳ه‍/۱۱۵۸م في عسقلان علی الصليبيين (ابن كثير، ۱۲/۲۵۵) كان علی إثر هذا التحالف و الهجوم علی مصر.

و قد عرضت التصديات و الحملات المظفرة لنورالدين زنكي علی الصليبيين، الإسبتارية لأخطار كثيرة، و لذلك فقد عملوا منذ ۵۵۵ه‍/۱۱۶۰م علی إعادة بناء قلاعهم و تقويتها و خاصة حصن الأكراد (مولر فينر، ۲۱)، و مع أنهم خرجوا من هناك في ۵۵۸ه‍ وضيقوا الخناق في إحدی المرات علی نورالدين (ابن الأثير، ۱۱/۲۹۴-۲۹۵)، إلا أن انتصارات نورالدين أدت إلی أن يمنح بوهيموند أمير أنطاكية و عدد من الأمراء الصليبيين الآخرين الكثير من قلاعهم للإسبتارية كي يدافعوا عنهم ( البستاني، ۱۱/۱۴۳-۱۴۴)؛ ذلك لأنهم كانوا يبدون صموداً أكثر من المحاربين الصليبيين الآخرين في محاربة المسلمين، بحيث إن ملك القدس أموري عندما هجم علی تلك المنطقة في ۵۵۹ه‍ بدعوة من شاور وزير مصر ضد أسدالدين شيركوه الأيوبي، ولم‌يحقق نتيجة، و أذعن للصلح، قبح الإسبتارية الذين كانوا يطمحون في السيطرة على فَرما، هذا الصلح، و حرضوا أموري على شن الهجوم من جديد (مصطفی، ۳۸۷؛ أيضاً ظ: ابن الأثير، ۱۱/ ۲۹۸-۳۰۰). و بعد بضع سنين، حيث بذل الصليبيون جهوداً جديدة للسيطرة علی مصر، و استطاعوا في ۵۶۳ه‍/۱۱۶۸م أن يتسللوا إلی القاهرة بشكل مباشر (م.ن، ۱۱/۳۲۶-۳۲۷)، كان للإسبتارية دور مهم في هذه الأحداث، و هاجم أموري مصر على الرغم من رغبته بمساعي و تحريض زعيمهم جيلبر داسائي، وتكبد الإسبتارية خسائر جسيمة في هذه الحرب (رانسيمان، ۲/۴۴۵-۴۴۷، ۴۴۹؛ أيضاً ظ: ابن الأثير، ۱۱/۳۳۵-۳۳۶). و في هذه السنوات كان الإسبتارية يسيطرون علی الكثير من القلاع المحيطة برقعة حكم الإفرنجة (مصطفی، ۳۷۹) و في ۵۶۵ه‍‍ منحهم أموري أيضاً قلعة عكا المهمة و مدينة عرقة (رانسيمان، ۲/۴۵۳).

و بعد موت أموري في ۵۶۹ه‍/۱۱۷۴م، تولی ريمون حاكم طرابلس و زعيم الإسبتارية، منصب نيابة سلطنة بغدوين الرابع. وكان بغدوين مجرد طفل مريض، و مالبث أن توفي بعد فترة قصيرة، و حدث اختلاف بين القادة الصليبيين علی خلافته، و في تلك الفترة كان حصن الكوكب في جنوب بحيرة طبرية من مراكز استقرار الإسبتارية أيضاً، و لذلك فقد كان لهم دور مهم في الدفاع عن مركز المملكة اللاتينية (مصطفی، ۳۷۸، ۳۷۹). و عندما جلس الحاكم ريمون علی مسند الحكم في القدس ازدادت قوة الإسبتارية أكثر من ذي قبل، و حصلوا علی قلاع أكثر؛ و لكن يبدو أن روحهم القتالية و عداءهم الشديد للمسلمين، أخذا يفتران تدريجياً، فكانوا يؤيدون الصلح، و تجنب الحملات الخطيرة (رانسيمان، ۲/۴۷۲؛ مولر فينر، ۶۴، ۷۲). و في الحقيقة، فإن سبب هذا الفتور هو ظهور قوة جديدة من المسلمين، أي الأيوبيين وشخصية صلاح‌الدين الذي كانت انتصاراته السريعة و المتوالية قد ألقت رعباً شديداً في نفوس الحكام الصليبيين، بحيث إنه كبد الصليبيين هزيمة فادحة في ۵۷۵ه‍/۱۱۷۹م في معركة مرج عيون، وأسر عدداً منهم و فيهم قائد الإسبتارية (أبوشامة، ۲/۵۶-۵۷؛ ابن‌كثير، ۱۲/۳۲۳). و قبل معركة حِطّين كلف صلاح‌الدين ابنه الأفضل في ۵۸۳ه‍/۱۱۸۷م بفتح عكا. و هزم جيش الأفضل بقيادة مظفرالدين الكوكبوري جيش الإفرنجة و الإسبتارية، و قتل قائد الإسبتارية الذي كان من الفرسان الصليبيين المعروفين (ابن الأثير، ۱۱/۵۳۰-۵۳۱؛ أبو شامة، ۲/۱۳۳-۱۳۴). و لكن يبدو أن الإسبتارية سيطروا علی عكا مرة أخرى؛ فقد روي أن ريتشارد قلب الأسد عندما دخل فلسطين ذهب إلی عكا و استقر فيها (بينتر، «الحرب الثالثة»، 69).

و قد عززت معركة حطين الكبری التي انتهت بانتصار صلاح‌الدين و فتح القدس، قواعد قدرته إلی حد كبير. و قد قتل في هذه المعركة عدد كبير من المحاربين و القادة الصليبيين المعروفين ومنهم قائد الإسبتارية، و رغم أن صلاح‌الدين حرر الكثير من الأسری، إلا أنه أمر بقتل من تبقی من الإسبتارية بسبب عدائهم الشديد للمسلمين، و الضربات القاصمة التي كانوا يوجهونها إليهم (عمادالدين، ۸۰-۸۳: ابن شداد، ۷۷؛ أبو شامة، ۲/۱۳۳- ۱۳۸؛ المقريزي، ۱(۱)/۹۳؛ رانسيمان، ۲/۵۳۱-۵۳۷). و قيل إن صلاح‌الدين لم‌يكن يبقي علی الإسبتارية أينما ظفر بهم (مثلاً ظ: ابن‌خلدون، ۵(۳)/۶۹۰-۶۹۱). و بعد حطين هجم علی طبرية واستولی عليها، و أصدر الأمر بقتل أسری الإسبتارية، و أمر نائبه في دمشق بأن لايبقي هو أيضاً علی الإسبتارية (عمادالدين، ۸۶؛ ابن الأثير، ۱۱/۵۳۸). كما حول مقر الإسبتارية في القدس إلی مدرسة (م.ن، ۱۱/۵۵۳).

و في هذه الفترة، كان حصن الكوكب المقر الرئيس للإسبتارية، و مستودع أسلحتم و ذخائرهم، و كان يتمتع من الناحية العسكرية بأهمية بحيث إن فتحه كان يعتبر مفتاح السيطرة علی الكثير من مناطق الصليبيين. و بعث صلاح‌الدين الذي كان قد عمد إلی السيطرة علی عدد من القلاع الصليبية المهمة، سيف‌الدين محمود قايماز النجمي لفتح حصن الكوكب، و أخرج الإسبتارية منها ووصف صلاح‌الدين في كتاب بعثه إلی أخيه في اليمن حصن الكوكب بأنها مركز و دارالكفر التابعة للإسبتارية (أبو شامة، ۲/۱۸۱-۱۸۲، ۱۹۷؛ القلقشندي، ۷/۲۳؛ ابن‌ كثير، ۱۲/۳۵۱-۳۵۳). ولذلك فإن الإسبتارية لم‌يكن لهم دور بارز رغم قدرتهم وسطوتهم، وكانوا يشاركون غالباً في تشكيلات الصليبيين أنفسهم. و لم‌يكونوا في الحقيقة مطيعين بشكل كامل للقادة والزعماء المسيحيين، و كانوا يعتبرون حلفاء في الغالب و ليسوا تابعين لهم (سميل، ۱۶۹-۱۷۰). و لذلك فعندما سيطر بوهيموند علی أنطاكية، سيطر الإسبتارية الذين كانوا يؤيدون ريمون روبن مدعي سلطنة القدس، علی قلعة أنطاكية، و لم‌يعطوها له، بل إنهم اغتالوا نائب سلطنة القدس على يد الإسماعيلية (رانسيمان، ۳/۹۶، ۲۰۵-۲۰۶).

و في ۵۹۳ه‍/۱۱۹۷م تدخلوا أيضاً في قضية اختيار خليفة هنري دي شامبيون، و انحازوا إلی جانب من كان يمتلك ثروة أكثر (هاردويك، 529-530). ولذلك فقد شبهوا بإسماعيلية الشام من حيث إنهم لم‌يكونوا يبتغون سوی مصلحتهم. و قد كانوا في هذا العصر في حالة تنافس و نزاع مع الفرق الصليبية الأخری في الغالب (م.ن، 534؛ ابن‌نظيف، ۱۵۰؛ حتي، ۲/۲۴۳؛ ابن الأثير، ۱۲/۴۶۴-۴۶۶). و كانوا يفضلون أن يتصالحوا مع المسلمين، حتی أجبروا فرقة فرسان الهيكل في ۵۹۹ه‍ علی أن يتوسطوا لهم للصلح بينهم و بين الملك المنصور (ابن واصل، ۳/۱۴۶-۱۴۷) و بعد أن هزم الملك المنصور إسبتارية حصن الأكراد و المرقب، طلبوا الصلح (م.ن، ۳/ ۱۴۸-۱۴۹، ۱۵۲)، و يبدو أن الأمر انتهی بالصلح أيضاً، فقد قيل إن الإسبتارية نقضوا الصلح في ۶۰۱ه‍/۱۲۰۵م، وأعملوا النهب و السلب في حماة (المقريزي، ۱(۱)/۱۶۴)، كما هجم الملك الظاهر الأيوبي سلطان حلب علی قلعة المرقب (مولر فينر، ۷۲). ومع كل ذلك فقد انعقد الصلح في ۶۲۷ه‍/۱۲۳۰م أيضاً بين صلاح‌الدين شيركوه أمير مصر الأيوبي و الإفرنجة، و كلف رسول الإسبتارية سيمون بإبلاغ الخبر إلی الأشرف الأيوبي، و بعد ۳ سنوات كان هو نفسه واسطة الصلح بين فرسان الهيكل و الملك العزيز سطان حلب (ابن نظيف، ۲۰۳، ۲۶۱). و في هذه السنوات منح ليون الثاني ملك أرمينيا سلوقية إلی الإسبتارية لقاء خدماتهم، و لكن الإسبتارية باعوها خشية التورط في نزاعات أرمينيا الداخلية (مولر فينر، ۱۰۷).

و تشير المصادر فيما يتعلق بإسماعيلية الشام و الإسبتارية الذين شبهوا ببعضهم، إلی أن الإسماعيلية كانت لها علاقات حسنة مع الإسبتارية علی الأقل خلال الفترة التي كانت تهدد فيها قوة الحكام المسلمين بقاءهم، بل كانوا يدفعون لهم الخراج، و يقضوا علی معارضيهم بأوامر منهم، بحيث قتلوا الأمير الصليبي ريمون وبطريقَ القدس ألبرت، اللذين كانا من معارضي الإسبتارية (حتي، ۲/۲۴۵-۲۴۷؛ رانسيمان، ۳/۱۶۷، ۲۰۵-۲۰۶). كما قيل إن الإسماعيليين كانوا يدفعون لهم الخراج من أجل المحافظة علی طرقهم، ذلك لأن إسبتارية حصن الأكراد و المرقب كانوا يشرفون علی قلاع الإسماعيلية بين حماة و طرابلس (يوسف، العدوان...، ۲۳۳-۲۳۴).

و علی أي حال، ففي ۶۲۵ه‍/۱۲۲۸م عندما دخل فردريك فلسطين من ألمانيا و بدأ بالهجوم علی مناطق المسلمين، لم يكن الإسبتارية يوافقونه بالكامل (فان كلو، 454). كما أدی النزاع الشديد بين الإسبتارية و فرسان الهيكل و الأمراء الصليبيين الآخرين و فردريك في ۶۳۱ه‍ إلی تشتت الصليبيين (بينتر، «الحرب الصليبية...»، 464)، و كان كل واحد منهم يعقد معاهدة مع المسلمين رغم معارضة الفرق الأخری. كما أعلن الإسبتارية معارضتهم حينما انعقد الصلح بين الصليبيين و دمشق في ۶۳۷ه‍/۱۲۳۹م (ن.م، 478-479). و في هذه الفترة استغل الصليبيون النزاع بين بعض الأيوبيين ليوسعوا رقعة سيطرتهم، و لكن النزاع بين لويس فيليب إمبراطور فرنسا، و الإسبتارية و فرسان الهيكل حال دون تقدمهم. ومع كل ذلك، فقد تحالف الإسبتارية في ۶۴۲ه‍/ ۱۲۴۴م مع بعض الأمراء الأيوبيين، و حاربوا المصريين والخوارزميين، و لكنهم هزموا، و أسرقائدهم (سترير، 489؛ يوسف، ن.م، ۱۷۵-۱۷۶).

و في ۶۴۷ه‍/۱۲۵۰م، نشبت أيضاً معركة كبيرة بين المصريين و الصليبيين بالقرب من بحر أشموم اُعتُبرت من معارك الصليبيين الكبری، و تكبد الإسبتارية في هذه المعركة ضربات قاصمة، وقتل أحد أمرائهم الكبار (ن.م، ۷۵-۷۶؛ أيضاً ظ: ابن كثير، ۱۳/۱۸۹). وفضلاً عن ذلك، فقد تسبب البنادقة و التجار الأوروبيون الآخرون إلی الانقسامات الداخلية بين الصليبيين و إلى ضعفهم، حتی قيل إن كل واحدة من الفرق و المجموعات الرئيسة في المملكة اللاتينية مثل الإسبتارية و فرسان الهيكل، انحازت في السنوات ۶۵۴-۶۵۶ه‍/۱۲۵۶- ۱۲۵۸م إلی جانب مجموعة، وانشغلت بالنزاعات (سميل،35-36).

و في عصر المماليك، ترتبط أكثر الروايات حول علاقات الإسبتارية بالمسلمين، بعصر السلطان الظاهر بيبرس. فمنذ أواخر عصر الأيوبيين، و قصة شجرة الدر و أيبك و حتی مجيء بيبرس، حال اضطراب الأوضاع الداخلية في مصر و الشام دون أن يواجه المسلمون الإفرنجة بشكل جاد، كما لم‌يذكر المؤرخون الحروب المتفرقة في هذا العصر، إلا قليلاً. و عندما جلس بيبرس علی سدة الحكم (۶۵۸ه‍/۱۲۶۰م)، انشغل في الحرب فوراً، و هجم علی القرين التي كانت من قلاع الإسبتارية، و أجبرهم علی الاستسلام بعد معركة ضارية (ابن تغري بردي، ۷/۱۵۳). و أمضی بيبرس بعد ذلك فترة في استعادة بعض مدن الشام من بقايا الأيوبيين، ومحاربة المغول. و يبدو أنه كان في هذه الفترة يذعن أحياناً للصلح مع الصليبيين لظروف سياسية كي يستطيع أن يرتب الأوضاع لصالحه (ظ: حمادة، ۲۵۵). و مع كل ذلك، فقد انشغل مرة أخری بالصليبيين بعد فترة، و حضّر منذ ۶۶۴ه‍/۱۲۶۶م لهجمات مستمرة و قاصمة ضد الإسبتارية و الصليبيين، و في نفس السنة استولی علی صفد و ضرب أعناق الإسبتارية و فرسان الهيكل فيها انتقاماً للمذبحة التي ارتكبوها بحق المسلمين (بيبرس، ۳۱-۳۲).

و في ۶۶۵ه‍/۱۲۶۷م، هجم الصليبيون ــ الذين كانوا قد قدموا من قبرص إلی الشام ــ علی طبرية، و لكن جيش بيبرس كبدهم هزيمة فادحة، و تكبد الإسبتارية أيضاً خسائر جسيمة في هذه الحرب (المقريزي، ۱(۲)/۵۵۴-۵۵۵؛ زيادة، ۱(۲)/۵۵۵). و في نفس السنة انعقد الصلح بين بيبرس و إسبتارية حصن الأكراد والمرقب و عكا و البلاد الساحلية لعشر سنوات متتالية. و يبدو من معاهدة الصلح هذه أن الإسبتارية كانت لهم فصائل عديدة يعيش كل منها في قلاعها تحت قيادة مستقلة نسبياً (القلقشندي، ۱۴/۳۱-۳۹؛ بيبرس، ۳۶).

و في ۶۶۹ه‍ هجم بيبرس مرة أخری علی القرين و أخرج الإسبتارية (م.ن، ۴۶). و علی إثر هذه الانتصارات، أوفد الإسبتارية أشخاصاً لعقد الصلح مع بيبرس، وتدل شروطه للموافقة علی الصلح، علی إمساكه بزمام الأمور. فقد تقرر طبقاً لهذه المعاهدة أن يتخلی الإسبتارية عن إقطاعاتهم في حماة و بلاد أبي قبيس و منطقة الإسماعيليين، و أن يكون بمقدور بيبرس فسخ الصلح متی شاء (المقريزي، ۱(۲)/۵۵۰).

و في نفس السنة سنحت الفرصة لبيبرس، و سيطر أخيراً علی حصن الأكراد الذي كان تحت سيطرة الإسبتارية لسنوات عديدة. ثم توجه الإسبتارية من هناك إلی طرابلس (مولر فينر، ۷۸). وتدل رواية القلقشندي (۱۴/۴۲-۵۱) علی صلح آخر انعقد في الفترة نفسها بين بيبرس وابنه الملك السعيد بركة و بين قائد الإسبتارية. و استناداً إلی هذا الصلح تقرر أن يحتفظ الإسبتارية بأنطرطوس والمرقب فقط، و أن يغضوا النظر عن حقوقهم الأخری في البلاد الإسلامية، و تقسم المرقب و أموالها و عوائدها بين بيبرس والإسبتارية، و لايقدموا علی إعادة بنائها (العيني، ۷۲).

و علی أي حال، فقد استطاع بيبرس أن يعيد الاتحاد بين مصر و الشام، و تمكن خلال السنوات ۶۵۸-۶۷۶ه‍ و علی إثر سلسلة الهجمات التي شنها علی قلاع الصليبيين و خاصة مراكز قيادة فرق الإسبتارية و التوتونية [۹]العسكرية (سميل، 38)، أن يسيطر علی بعض مدنهم و قلاعهم مثل أرسوف، و كذلك قلاع الإسماعيليين مثل مصياف و القدموس و الكهف و الخوابي (حتي، ۲/۲۴۳-۲۴۵).

و في عصر السلطان قلاوون (۶۷۸-۶۸۹ه‍/۱۲۷۹-۱۲۹۰م)، انعقدت أولاً بينه و بين الإسبتارية معاهدة صلح مدتها ۱۰ سنوات (ابن الفرات، ۷/۲۰۴؛ زيادة، ۱(۳)/۹۷۴-۹۷۵)، و في ۶۸۲ه‍/۱۲۸۳م تم توثيق هذا الصلح مرة أخری (ابن الفرات، ۷/۲۶۲-۲۶۳). و قد قيل إن قلاوون انتزع في ۶۸۴ه‍ من الإسبتارية قلعة المرقب الإستراتيجية، ثم قلعة مَرَقيّة و بلنياس، و في ۶۸۸ه‍ فتح قلعة يحمور (ابن حبيب، ۱/۹۶؛ مولر فينر، ۶۴، ۷۲). توفي قلاوون بعد فترة قصيرة، و هجم خليفته الملك الأشرف خليل فوراً علی عكا، وبعد معركة ضارية لم‌يجد الإسبتارية و فرسان الهيكل بداً من التسليم، و فتحت عكا (۶۹۰ه‍(. و سيطر الملك الأشرف بعد ذلك على مدينة صور و عتليت و صيدا و بيروت و حيفا، فنزح من تبقی من الإسبتارية إلی قبرص (ابن تغري بردي، ۸/۶-۷؛ بيبرس، ۹۱-۹۲)، و تحولت قلعة كولوسي في ليماسول بقبرص إلی قيادة الإسبتاريـة؛ ثم رابط من تبقی من الإسبتارية فـي رودس (مولـرـ فينر، ۱۲۳؛ العروسي، ۷۱). و بذلك، انتهت الحروب الصليبية بسقوط آخر قلاع الصليبيين في سورية. و لكن الإسبتارية استمروا في نشاطهم في مراكز أخری، و عرفوا منذ هذا الحين بفرسان رودس (عن العلاقات بين المماليك والإسبتارية، ظ: زيادة، 735 و مابعدها).

واصل الإسبتارية هجماتهم من قواعدهم الجديدة علی سواحل مصر و الشام (مولرفينر، ۳۸). و في ۷۷۶ه‍/۱۳۷۴م احتلوا إزمير، وحاولوا السيطرة علی اليونان؛ و في ۸۱۸ه‍/۱۴۱۵م أخرجهم العثمانيون من إزمير، و حول الإسبتارية ميناء هاليكارناسوس الصغير إلی مركز و مقر بري لهم بدلاً من إزمير، و ذلك في مقابل قلعتهم في كوس [۱۰](م.ن، ۳۸-۳۹).

و في ۸۴۶ه‍/۱۴۴۲م، أرسل السلطان الظاهر سيف‌الدين خوش‌قدم أسطولاً لمحاربة الإسبتارية في رودس، و لكنه لم‌ينجح في ذلك، فاحتل و دمر أحد مراكزهم الساحلية و هو حصن الأشهب على ساحل آسيا الصغری (ابن تغري بردي، ۱۵/۳۵۱-۳۵۲). و في ۸۴۸ه‍ هجم الظاهر أيضاً علی رودس، و نشبت حرب ضارية، ولكنه عاد بعد أن لم‌يحقق نتيجة (م.ن، ۱۵/۳۶۰-۳۶۳).

و في ۸۵۹ه‍/۱۴۵۵م هجم العثمانيون علی رودس، و عجزوا عن فعل شيء أمام قلاع الإسبتارية الحصينة، و بعد ۲۵ سنة لم‌تفلح محاولة أخری لهم، حتی سيطر السلطان سليمان القانوني أخيراً عليها في ۹۲۹ه‍/۱۵۲۲م، و كاد أن يستأصل شأفة الإسبتارية، ولكن الملك شارل الخامس منحهم جزيرة مالطة، و اضطر الإسبتارية للتنازل عن ممتلكاتهم في بحر إيجه، و رحلوا إلی مالطة، و أسسوا مركزاً جديداً (مولرفينر، ۳۹). و منذ هذا الحين عرفوا بفرسان مالطة، و مايزالون موجودين حتی الآن (عن إسبتارية رودس، ظ: لوترل، 278-313؛ رسي، 314,339).

المصادر

ابن الأثير، الكامل؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن حبيب، الحسن، تذكرة النبيه، تق‍‍ : محمد محمد أمين، القاهرة، ۱۹۷۶م؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن شداد، يوسف، النوادر السلطانيـة، تق‍ ‍: جمال الدين الشيال، القاهرة، ۱۹۶۴م؛ ابن‌الفـرات، محمد، تاريخ، تق‍‌ ‍: حسن محمد الشماع، البصرة، ۱۳۸۹ه‍/۱۹۶۹م؛ ابن القلانسي، حمزة، ذيل تاريخ دمشق، تق‍‌‍ : آمدروز، بيروت، ۱۹۰۸م؛ ابن كثير، البداية و النهاية، تق‍ : أحمد أبو ملحـم و آخـرون، بيروت، ۱۴۰۷ه‍؛ ابن نظيـف، محمد، التاريخ المنصـوري، تق‍ : أبوالعيـد دودو، دمشـق، ۱۴۰۱ه‍/۱۹۸۱م؛ ابن‌واصـل، محمد، مفـرج الكـروب، تق‍ : جمال الدين الشيال، القاهرة، ۱۹۵۳م؛ أبوشامة، عبدالرحمان، عيون الروضتين، تق‍ ‍: أحمد البيسومي، دمشق، ۱۹۹۲م؛ البستاني؛ بيبرس المنصوري، مختار الأخبـار، تق‍ ‍: عبد الحميد صالح حمدان، القاهرة، ۱۴۱۳ه‍/۱۹۹۳م؛ حتي، فيليب، تاريخ سورية ولبنان و فلسطين، تج‍ ‍: كمال اليازجي، بيروت، ۱۹۸۲م؛ حمادة، محمد ماهر، وثائق الحـروب الصليبية، بيروت، ۱۹۸۶م؛ رانسيمـان، ستيون، تاريخ جنگهاي صليبـي، تج‍ ‍: منوچهر كاشف، طهران، ۱۳۶۰ش؛ زيادة، محمد مصطفی، تعليقات على السلوك (ظ:‍ هم‍، المقريزي)؛ سميل، ر.س.، فن الحرب عند الصليبيين تج‍ : محمد وليد الجلاد، دمشق، ۱۹۸۵م؛ العروسي المطوي، محمد، الحروب الصليبية، تونس، ۱۳۷۴ه‍/۱۹۵۴م؛ عمـادالديـن الكاتـب، محمـد، الفتـح القسي فـي الفتح القدسـي، تق‍ : محمد محمود صبح، القاهرة، دارالقومية للطباعة و النشر؛ العيني، محمود، عقد الجمان، تق‍: محمد محمد أمين، القاهرة، ۱۴۰۸ه‍/۱۹۸۸م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشی، القاهرة، ۱۳۸۳ه‍/۱۹۶۳م؛ مصطفی، شاكر، «فلسطين مابين العهدين الفاطمي والأيوبـي»، الموسوعـة الفلسطينيـة، الدراسـات الخاصـة، بيــروت، ۱۹۹۰م، ج ۲؛ المقريزي، أحمد، السلوك، تق‍ : محمـد مصطفی زيادة، القاهرة، ۱۹۵۶م؛ مولر فينر، فولفغانغ، القلاع أيام الحروب الصليبية، تج‍ ‍: محمد وليد الجلاد، دمشق، ۱۴۰۴ه‍/۱۹۸۴م؛ يوسف، جوزيف نسيم، العدوان الصليبي على بلاد الشام، الإسكندرية، ۱۹۸۹م؛ م.ن، العرب و الروم و اللاتين في الحرب الصليبية الأولى، الإسكندرية، ۱۹۸۹م؛ و أيضاً:

Hardwicke, N. N., «The Crusader States,1192-1243», A History of the Crusades, ed. K. M. Setton, London, 1969, vol. II; Luttrell, A.., «The Hospitallers at Rhodes, 1306-1421», ibid, 1975, vol. III; New Catholic Encyclopedia, San Francisco, 1966; Painter, S., «The Crusade of Theobald of Champagne…» , A History of the Crusades, ed. K. M. Setton, London, 1969, vol.II; id, «The Third Crusade; Richard the Lionhearted and Philip Augustus», ibid; Rossi, E., «The Hospitallers at Rhodes, 1421-1523», ibid, 1975, vol. III; Smail, R. C., The Crusaders in Syria and the Holy Land, London, 1973; Strayer, J. R., «The Crusades of Louis IX», A History of the Crusades, ed. K. M. Setton, 1969, vol. II; Van Cleve, Th. C., «The Crusade of Frederick II» ibid; Ziada, M. M., «The Mamluk Sultans, 1291-1517», ibid, 1975, vol. III


طباعة   البريد الإلكتروني