الطائفية ونسبة السكان الحقيقي في العراق

(وقت القراءة: 3 - 6 دقائق)
الطائفية ونسبة السكان الحقيقي في العراق لم يكن التنوع العرقي والطائفي في العراق وليد التاسع من نيسان فمنذ القدم عاش وتعايشت على أرض العراق مختلف القوميات والطوائف وجمعتهم قضية الانتماء لهذا البلد وحب الخير والسلام له، لكن ما ولد يوم التاسع من نيسان كان الأمل في أن ينال العراقيون جميعاً حقوقهم في هذا البلد سواء كما تترتب عليهم الواجبات بعد أن حرم أغلبهم من ذلك في ظل النظام السابق، ومن المعلوم أن حياة الطوائف والقوميات على أرض العراق كانت هادئة وطبيعية دائماً باستثناء بعض الفترات التي حكمت فيها الحكومات الجائرة والتي استغلت مسألة التنوع العراقي والطائفي بطريقة سيئة وبذرت بذرة الخلاف والشقاق وعمدت على اذكاء الخلافات بين أبناء البلد الواحد اعتماداً على شعار فرق تسد وتوظيفاً للتنوع بطريقة تصب في مصلحتها وكان نظام صدام من تلك الأنظمة بل من أشدها انتهاجاً لتلك السياسة، واليوم ورغم غياب صدام عن الساحة العراقية إلا أن أذنابه والمتواطئين معه في الداخل والخارج لا زالوا ينتهجون نفس النهج السابق ويعهدون إلى إثارة النعرات الطائفية بين أبناء البلد الواحد لتحقيق مكاسب خاصة ولعل من أشد المروجين لهذا الأمر الفضائيات العربية والجزيرة من بين تلك الفضائيات الخاصة، فالمتابع لهذه القناة لا يشك أبداً في سوء النوايا فيما تطرحه هذه القناة بل يقطع بأن هذا الكم من البرامج المختلفة التي تتطرق للعراق وأوضاعه يراد منها التحريض والدفع باتجاه تشنجات طائفية بين الأطراف العراقية (شيعة ـ سنة، أكراد ـ عرب، أكراد ـ تركمان) مما يسهل وبمساعدة عوامل أخرى لقيام حرب أهلية لا سمح الله، ومع الأسف فإن مثل هؤلاء لا يعدمون ناصراً ووجدوا من يعوم على عومهم قاصداً أو بغير قصد، فالاتجاه المعاكس وبلا حدود ولقاء ومنبر الجزيرة كلها برامج تناولت مسألة العراق بسلبية واضحة ولا حيادية وركزت في هذه البرامج وغيرها على بعض التصرفات الشخصية التي تصدر من هنا وهناك ونمقتها واعطتها طابعاً مثيراً باستنتاجاتها الخاصة وتركيزها على دقائق الأمور إلى روح الطائفية ولم تكن في حقيقتها كذلك، فعندما يطالب الشيعة بانتخابات تفسر ذلك على أنه طلب الاستئثار بالسلطة التي حرمتها الجزيرة عليهم وإن كانت نتيجة لصناديق الاقتراع وعندما يرفضون قتل المدنيين تلمح بشجاعة غيرهم وعندما يتعلق الأمر بالتمثيل في مجلس الحكم يكون السنة هم الغالبية وتكون المحاصصة فيه غير منصفة عندما يرضخ بريمر على كره لمطالب الشيعة في رفض الآلية التي وافق عليها مجلس الحكم في نقل السلطة يكون بريمر في ذلك مغازلاً للشيعة ويشار لهذا الأمر بالريبة. لقد دأبت وسائل الاعلام المغرضة ومنها الجزيرة على اعطاء صورة مشوهة لشيعة أهل البيت (عليهم السلام) ولا تمثلهم في خلقهم وأخلاقهم، فالشيعة كانوا ولا يزالون السباقون في الذود عن حرم الإسلام والدعاة الصادقين للتقريب بين المذاهب الإسلامية ولم يصدر منهم شيء بخلاف ذلك إلا في معرض الرد على بعض الأقوال التي تخرج من هنا وهناك وهو رد يقوم على اظهار الحق والتجاوز عن غير ذلك من أمور ومهاترات كلامية ويشهد لهم على ذلك التاريخ المحايد والمتتبع المنصف ولو أن وسائل الاعلام كانت بعيد عن الأغراض لسجلت للشيعة موقفهم من الدستور والذي لولاهم لكان قد خرج للوجود في أحضان أمريكية من أبوين أمريكيين وسكوت إن لم يكن مباركة ما سوى الشيعة ولسجلت لهم موقفهم الداعي لاعطاء جميع العراقيين حقهم في اختيار من يريدون عبر الانتخابات لكنها بدل ذلك صورت الأمر على أنه دعوات شخصية يطالب بها الشيعة ليصلوا إلى الحكومة مستفيدين من كونهم الأغلبية مع إنها تطرح في مواضع أخرى مسألة كون الأغلبية هي لاخواننا السنة. أين الحق في مسألة الأغلبية بعد أن لم يكن أحد يناقش في مسألة كون الشيعة هم الأغلبية بدأت هذه الأيام أصوات تتعالى وتشكك في هذه الحقيقة بل وتذهب أبعد من ذلك وتدعي أن الأغلبية هي للسنة الأمر الذي لم يجرأ أن يدعيه طاغية العراق، ولعل السبب وراء ذلك هو ما طرح كخيار من خيارات نقل السلطة يتم بموجبه نقل السلطة لمجلس الحكم الحالي بعد توسيعه وبالتالي فإن من شأن التشكيك في مسألة الغالبية الشيعية أن يعود بمصالح للمروجين لهذا الفكر تتمثل بالمطالبة بأن يكون التعديل المقترح متماشياً مع الطرح الجديد لمسألة النسبة وتجاهل هؤلاء الاحصائيات الرسيمة التي جرت خلال الفترة المنصرمة فقد جرت في العراق العديد من الاحصائيات خلال المئة سنة الأخيرة ولأن تلك الاحصائيات لم يجر أياً منها في ظل حكومة شيعية فلا مجال لأن يشك في نتائج تلك الإحصائيات والتي أظهرت بعمومها أن الغالبية في العراق هي للشيعة. ففي أول احصاء أجري‎ في عام1919 وقام به البريطانيون كانت النسبة كالتالي: الشيعة (مليون و492 الف نسمة) ، السنة (نصف مليون و 20 الف نسمة) ، النصارى (87 الف نسمة)، اليهود (86 الف نسمة) ، طوائف أخرى (42 الف نسمة) جاء ذلك في كتاب دور الشيعة في تطور العراق لعبد الله فهد والذي طبع في بيروت في العام 1973 . أما احصاء 1947 فقد كانت النتائج التالية: الشيعة ( 58،3% ) بما فيهم الشيعة التركمان والأكراد زائداً (1،2%) من الشيعة الإيرانيين فيكون (59،5%) و السنة ( 39،2%) بما فيهم الأكراد والتركمان، والباقي أقليات . أما احصاء 1951 فعلى الرغم مما فيه من أرقام غريبة إلا أن الشيعة شكلو فيه الأغلبية أيضاً . وفي احصاء 1957 والذي يعده البعض أدق احصاء جرى للتركيبة السكانية وهو نفسه الذي يرجع اليه دائماً في فترة حكم الطاغية فقدجاءت النتائج كالتالي: الشيعة (50% ) السنة (35% ) الأقليات (مسيح ويهود ويزيدية وصابئة (15% ) ) وإلى كون الشيعة أغلبية ذهب كتاب غربيون ومؤرخون منهم المؤرخ الفرنسي فيكتور بيرار الذي يقول فيما كتبه عام 1907: "رغم استبداد الخليفة السني فإن أربعة أخماس السكان ما زالوا يبجلون الأئمة الاثني عشر" . وذهب لذلك أيضاً الكاتب الروسي كوتلوف في كتابه (ثورة العشرين) الذي ألفه عام 1958 حيث يقول: " إن الشيعة يشكلون الأغلبية في العراق"، وفي كتاب (وجاء دور المجوس) يذهب عبد الله محمد الغريب إلى أن نسبة الشيعة في الـعراق قد بلغت (50%) في عام 1971 فيما يذهب كتاب واعتماداً على دراسات حديثة إلى أن نسبة الشيعة قد بلغت حجاً أكبر من ذلك، ويذكر الكاتب البريطاني روبرت فيسك في مقالة له أن الشيعة يشكلون (60%) كما ذكرت ذلك أيضاً الصحافية الأمريكية لور اكينغ حيث قالت أن الشيعة يشكلون نسبة (60%) وتذهب إلى تأكيد الأغلبية الشيعية التقارير التي تعدها الهيئات الحكومية منها والمستقلة فهي الأخرى قد أكدت على أن الشيعة هم الأغلبية في العراق ، فقد جاء في تقرير اصدرته لجنة مراقبة الشرق الأوسط لحقوق الإنسان في عام 1991 أن الشيعة يشكلون ما بين 50 الى 55% فيما يذكر التقرير السنوي الذي أصدرته وزارة للخارجية الأمريكية عام 2002 أن نسبة الشيعة من 60 الى 65% أما السنة فنسبتهم 30 الى 37% وفي تقرير آخر الخارجية الأمريكية يذكر أن نسبة الشيعة كانت بين 60 الى 67% ويشير تقرير آخر صدر عن مركز ابن خلدون العربي في عام 1999 إلى أن الشيعة يمثلون 52% بيما تقدر الموسوعة البريطانية نسبة الشيعة بـ 53% على أن هناك من يذهب إلى أن نسبة الشيعة تفوق تلك الأرقام بكثير وتصل إلى 80% وعموماً وباعتماد بعض القرائن كالجهة التي أعدت الاحصاء والهدف من الاحصاء وزمان الاحصاء يمكن الركون إلى نسبة 60 الى 65% (والى حين اجراء احصاء دقيق ) كونها أكثر النسب قبولاً في الوقت الحاضر . 1 - فيكتور بيراز : أربعة أخماس (80%) السكان يبجلون الأئمة الاثني عشر. 2 - الخارجية الأمريكية: نسبة الشيعة في العراق تبلغ من 60 الى 67% . مجلة النجف الأشرف - تصدر عن مؤسسة المرتضى - العدد السابع - صفر 1425هـ

طباعة   البريد الإلكتروني